الجمعة، 11 مارس 2016

تعلم واشبع



قيل إنه في قرية صغيرة تعتمد على صيد السمك كانت بعض الطيور تعيش على البواقي التي يتركها الصيادون. فجأة إذ صار صيد السمك في القرية غير مجزٍ رحل الصيادون إلى منطقة بعيدة يتوفر فيها السمك. لم تجد الطيور طعامًا إذاعتمدت تمامًا على الصيادين ولم تتعلم كيف تطعم نفسها، فضعفت الطيور وماتت. كثيرًا ما يكون حالنا كحال هذه الطيور، نعيش على الفضلات التي يقدمها لنا الآخرون، فلا تكون لنا خبرات يومية مع الكتاب المقدس، ومعاملات مستمرة مع اللَّه، بل نعتمد على خبرة الآخرين وحدهم. بهذا نحكم على أنفسنا بالموت المحتم مثل هذه الطيور الغبية التي لم تتعلم شيئًا.

هب لنا أن نسير على خطى آبائنا القديسين، 
محمولين بروحك القدوس العامل فينا،
فننعم كل يوم بخبرات شخصية معك يا إلهنا، 
وندرك عملك في الكنيسة عبر كل الأجيال.

جمال محملة مكافأة العطاء


قيل عن شيخٍ إنه كان كثيرَ الرحمةِ، فحدث غلاءٌ عظيمٌ، ولكنه لم يتحول عن فعلِ الرحمةِ، حتى نفذَ كلُّ شيءٍ له، ولم يبقَ عنده سوى ثلاثِ خبزاتٍ،
فحين أراد أن يأكلَ أحبَّ اللهُ امتحانه، وذلك بأن قرع سائلٌ بابَه، فقال لنفسِه: »جيدٌ لي أن أكونَ جائعاً، ولا أردَّ أخَ المسيحِ خائباً في هذا الغلاءِ العظيمِ«.
فأخرجَ خبزتين له، وأبقى لنفسِه خبزةً واحدةً، وقام وصلى وجلس ليأكلَ، وإذا سائلٌ آخر قد قرع البابَ، فضايقته الأفكارُ من أجلِ الجوعِ الذي كان يكابده داخله، ولكنه قفز بشهامةٍ، وأخذ الخبزةَ وأعطاها للسائلِ قائلاً: »أنا أؤمن بالمسيحِ ربي، إني إذا أطعمتُ عبدَه في مثلِ هذا الوقتِ الصعبِ، فإنه يطعمني هو من خيراتِه التي لم ترها عينٌ، التي أعدَّها لصانعي إرادتِه«.
ورقد جائعاً، وبقيَ هكذا ثلاثةَ أيامٍ لم يذق شيئاً، وهو يشكرُ اللهَ، وبينما كان يصنع خدمته بالليلِ، جاءه صوتٌ من السماءِ يقول له: «لأجل أنك أكملتَ وصيتي، وغفلت عن نفسِكَ، وأطعمتَ أخاك الجوعان، لا يكونُ في أيامِك غلاءٌ على الأرضِ كلِّها«،
فلما أشرقَ النورُ، وجد على البابِ جِمالاً محمَّلةً خيراتٍ كثيرةً، فمجَّد الله، وشكر الربَّ يسوعَ المسيحِ، ومن ذلك اليومِ عمَّ الرخاءُ الأرضَ كلَّها.

الأربعاء، 9 مارس 2016

الله يطلب ما قد هلك

كان رجلاً عادياً ، ليس من المتدينين المترددين على الكنيسة ، وفى اعترافاته لم يكن يعرف معنى التوبة ، فكان كثير الخطأ والسقوط ، لكنه كان طيب القلب جداً ، ورقيق المشاعر إلى أبعد الحدود . تجول بحكم وظيفته ، كمدرس ، حتى استقر به الحال ، بعدما تزوج وأنجب الأولاد ، فى إحدى مدن الصعيد المطلة على النيل ، لذلك اعتاد كثيراً أن يركب مركباً فى النيل هو وأولاده وبعض الأصدقاء . وفى إحدى المرات ، أثناء أجازة نصف السنة ، ركب المركب كعادته وكان معه ابنه الوحيد ، بينما زوجته وبناته فضلن الإنتظار فى المنزل. اكتظ المركب الصغير بالشبان ، صار فى عرض النيل ، فجأة اندفع الشبان فى لهوهم وتهريجهم إلى جانب واحد ، اختل التوازن فانقلبت المركب بالجميع . صرخ الرجل من عمق قلبه صرخة عميقة إلى الله، لأنه لم يكن يعرف العوم ، ولا إبنه أيضاً . لم يصرخ إلى الله فى حياته كلها مثل هذه الصرخة . بعدها أحس بيدين حانيتين تحملانه . شعر بهما فعلاً وبطريقة حسية كاملة . حملته اليدان إلى الشاطئ وهو يحتضن وحيده . لم ينجُ من الموت يومئذ سوى هذا الشخص وولده ، وكانت البداية ! بداية حياة جديدة .. صلوات لم يذق طعمها من قبل .. عزوف كامل عن زخارف العالم الكاذب واحتقار لكل أباطيله .. انفتح أمامه مجال أسمى بما لا يقاس ، فحوّل الأيام كرصيد له فى السماء . وكذبيحة شكر لله ، نذر صوماً للتوبة والرجوع إلى الله ، فلا يفطر إلا بعد رجوعه من عمله بعد الظهر وبعد أن يصلى صلاة الساعة التاسعة ثم يستريح قليلاً ، بعدها يدخل حجرة مكتبه ، وقد خصصها للصلاة ، ويظل شاخصاً إلى السماء يصلى من أعماقه ، ويتمتع بالمزامير والتسابيح ويعكف على كتابه المقدس يأكل من مشتهياته ويتتلمذ عند قدمىّ قديسيه . وحرارته الروحية تزداد يوماً بعد يوم لكن فى اتزان كامل . وفى ليلة من ليالى الصلاة هذه ، وبينما هو شاخص إلى السماء ، إذا بسقف الحجرة وكأنه غير موجود ، وإذا السماوات مفتوحة !! انذهل عقل الرجل من فرط الحب الإلهى ، وتثقل بمشاعر الاتضاع وعدم الاستحقاق .. لقد كشف الرب بصيرته ليرى ما لا يُرى .. وقد احتفظ الرجل بهذه الأمور فى قلبه لم يَبُح بها لإنسان على وجه الأرض. منذ حادث المركب ، والرجل يذهب إلى الكنيسة بانتظام ، مواظباً على القداسات والعشيات والاجتماعات ، هادئاً وديعاً . صار القداس الإلهى هو أشهى ماله على الأرض، تنحدر أثناءه دموعه كالنهر، وهو واقف بجوار الهيكل ، بعد أن كان القداس مملاً وثقيلاً على نفسه ، ولم يكن يطيق البقاء فى الكنيسة . فى أحد القداسات ، وبينما الكاهن يصلى مجمع الآباء ، وإذ بالرجل يرى أولئك الآباء القديسين يملأون الهيكل واحداً فواحداً . وكلما ذكر الكاهن إسماً ، ظهر هذا القديس لينضم إلى خورس النورانيين ! بعد مرور السنين ، شهد الجميع أن الرجل صار مثلاً للحياة المسيحية وتجسيداً للوصايا الإنجيلية .. حلواً مع الجميع .. خادماً وباذلاً نفسه للجميع . وكان كلما إزداد الرجل بهاءاً وقداسة ، كلما إزداد عليه حنق إبليس الذى يجول كأسد زائر ملتمساً من يبتلعه ، خصوصاً أن الرجل ، رغم قداسته واعلانات الله له ، لم يكن محنكاً فى الحروب الروحية ، ولا هو متتلمذ على أب حكيم أو مدبر ذى بصيرة . بدأت الحرب بشكوى الجسد : أعراض مرض ، وضعف الجسد واحتياجه للراحة والغذاء ، فتور فى الصلاة .. خطوات واضحة فى طريق الكسل !ابتدأ العالم ينساب قليلاً قليلاً إلى داخل حياته ، ودارت الأيام دورتها ، وغرقت سفينة الحياة الجديدة ، ونجح إبليس فى حيلته ، وعاد الرجل إلى سيرته الأولى !! كان يفيق بين الحين والآخر ، يتذكر مجد التوبة والحياة مع الله فيجمع أشلاءه وينتصب للصلاة .. كلمات فاترة ، صلاة بلا طعم ولا تأثير .. حضور القداس بلا اشتياق .. قراءة الإنجيل صارت واجباً ثقيلاً .. كان يتأسف فى قلبه ويندم ويتحسر على أيام زمان ، لكن رويداً رويداً تلاشى الندم ومات الضمير . رجع إلى أصدقاء الشر ورجعت إليه سقطاته القديمة . تُرى .. هل من رجوع هل يترك الله أولاده ألا ينقذهم من فم الأسد ألا ينتشلهم ليقودهم فى موكب نصرته كل حين بالمسيح يسوع بلى ، ينقذهم وينتشلهم .. فقد عادت النعمة تفتقد هذا الإنسان البائس ، وقد ناهز الستين من عمره . تقدم إلى الله بنفس منكسرة ، يطلب الرجوع والقبول . بدأت الحياة تجرى فى مجراها ، وبدأ السعى فى طريق الأبدية . جاءنى الرجل وجلس إلى جوارى ، شيخ وقور ، يعترف . وابتدأ فى الكلام ، ودموعه تنساب فى غزارة لم أرى مثلها . قال : الآن علمت أن الرب صالح وطيب وقابل للخطاة . وتحققت أنه مهما كثرت خطايانا ، فدم يسوع المسيح يطهر من كل خطية . وحيث كثرت خطايانا ازدادت النعمة جداً . لقد ظننت أنه لا رجوع لى إلى رتبتى الأولى وأيام توبتى الأولى ، ولكن ما لا استحقه بعد كثرة خطاياى أعادته النعمة لى . قلت له : كيف كان ذلك قال : دخلت الكنيسة بالأمس ، وكان قد انقطع عهدى بالمناظر الإلهية والاعلانات ، لكثرة خطاياى وفتورى ، وظننت أنه لا عودة إلى قامتى ومقامى الأول . ولكن للعجب الشديد انفتحت بصيرتى مرة أخرى ، ورأيت الهيكل وقد امتلأ بأرواح القديسين والملائكة فى ساعة التقديس ، فعادت نفسى إلى مسكنتها الأولى واتضاعها وفرحها . وتأكدت أن الله يوازن كثرة خطايانا بغزارة محبته ، وأن باب التوبة مفتوح أمام أشر الخطاة . وقد جمل الرب حياة هذا الرجل بالآلام فى ختام أيامه ، فكان يتزكى قدام الرب كل يوم ، فى صبر وشكر ورضى وتسبيح لا ينقطع ، إلى أن إنضم إلى مصاف النورانيين لينعم بكمال العربون الذى ذاقه وهو بعد فى الجسد

الثلاثاء، 8 مارس 2016

الأصدقاء الثلاثة

طلب راهب كلمة منفعة من رجل علمانى ونظراً لان الرجل لم يعرف القراءة قال له أصغ الى هذا المثل . كان لرجل ثلاثة أصدقاء فقال للأول أنى ذاهب للأمبراطور فتعالى معى فرد عليه وقال سوف أذهب معك ولكن الى نصف المسافة فقط فلا أستطيع أكثر من ذلك فذهب الرجل لصديقه الثانى وطلب منه وقال تعالى معى إلى الأمبراطور فرد عليه سوف أتى معك وأصلك إلى باب القصر فلا أستطيع الدخول معك فطلب الرجل من صديقه الثالث وقال له تعالى معى فأجابه وقال سوف أتى معك وأدخل معك وأتكلم إلى الأمبراطور نيابة عنك فى موضوعك فتعجب الراهب من هذا المثل وطلب تفسيره. فقال الرجل العلمانى
الصديق الاول هو التقشف والذهد فهما اللذان يقودونا إلى منتصف الطريق فقط والصديق الثانى هو حياه القداسه والنقاوه التى تقودنا الى السماء أما الصديق الثالث فهو الحب والحنان الممتزجون بالرحمه فهما اللذان يجعلان الانسان يمثل امام الله ويتحدثان بالنيابه عنا بجساره و بدون خوف او رهبه لان المحبه تطرد الخوف الى خارج كما قال القديس الحب + الرحمه + القداسه

براءة طفلة


تحكى هذة القصة المأساوية عن طفلة صغيرة كانت تملىء البيت بالفرحة والأبتسامة ،وكادت تطير من الفرحة بعروستها اللعبة الجميلة التى أحضرتها لها الأم ،فكانت تنشغل باللعب معها معظم الأوقات ،كانت تجعلها معها على سريرها عند نومها لتأخذها بحضنها ببرأة الأطفال ،وعلى مائدتها فى الصباح،و ذات يوم بينما كانت الأم خارج المنزل فكرت هذة الطفلة الصغيرة أن تصنع فستاناً صغيراً جميلاً يناسب عروستها اللعبة ،لكنها ماذا تفعل لتحصل علىقطعة قماش لتصنع لعرروستها فستاناً ،وأستغلت هذة الطفلة عدم وجود أمها بالمنزل لتركض إلى دولاب الذى يحتوى على ملابس أمها لتختار منه أحسن فستاناً لتقطع منه قطعة قماش صغيراً لعروستها اللعبه ، لترجع الأم وترى أن أبنتها الصغيرة جعلتها تقفد أغلى فستاناً عندها كانت تحبة وتلبسه أينما ذهبت ،غضبت الأم غضب شديداً على أبنتها الصغيرة وهددتها أنها سوف تشكيها لوالدها عند عودته من العمل ، خافت الطفلة البريئة من تهديد أمها لها وفكرت ماذا ياترى سوف يفعل بىّ أبى عندما يعود من عمله وتشتكى أمى له ماذافعلت؟ ذهبت الطفلة قبل وقتها المحدد لتنام قبل عودت والدها من العمل ،رجعالأب وحكت له الأم عن ماذا فعلت أبنتهما بفستانها الجميل لترضى برأءةطفولتها ، فلم يفكر الأب كثيراً إلا أن أخذ "أبرة "التى تستخدم فى خياطةالملابس وجعلها تُسخن على النار ودخل غرفة أبنته حيث تنام ولم ينظر إلىبرأءة طفولتها ولا وجهها الملائكى وهى نائمة بل بكل قسوة أخذ ينخز بالأبرةفى يدىّ أبنته وهى تصرخ وهو لا يسمع لصوت صراخها بل أذداد وخزاً لها ،لميشفق الأب عندما راى الدماء تنزف من يدىّ صغيرته بل تزايد فى قسوته .وفى منتصف الليل أرتفعت درجة حرارة الطفلة الصغيرة وأتصلوا بالطبيب وقرر الطبيب أنها بحالة خطيرة جداً ،ليفاجىء ألاب والأم بقرار الأطباء بأن أبنتهما تحتاج لبتريديها لانهما قد حدثت لهما "غرغرينه" ويجب بترهما قبل أن يمتد تأثيرهم إلى باقى الجسد ، وقرروا ميعاداً لاجراء العملية الجراحية المؤلمة لهذة الطفلة البريئة ،وبعد أن أستيقظت الطفلة البرئية من أثار المخدر لتجد أنها فقدت يداها،فلم تستطيع هذة الطفلة أن تتماسك وسبقت دموعها كلاماتها لتصرخ بهذةالكلمات المؤثرة التى أثرت فى كل الحاضرين لتقول : " ماما.. بابا.. سوف أدخرلكما من مصروفى لأشترى لكِ يا ماما أغلى فستاناً فهل يمكنكما أن ترجعوا لىّ يداىّ " كانت هذة الكلمات كالصاعقة على أذنى الأب والام.أحبائى أنا شخصياً عندما قرأت هذة القصة وجدت نفسى أشكر الله المحب على تعاملاته معنا، فبالرغم من أخطائنا المتكررة وسقطاتنا غير المتناهية وأثامنا الكثيرة ،فأنه يعاملنا بكل حب وحنان، نسى الأب قلبة ألابوى وتعامل بكل قسوة مع أبنته الصغيرة لكن قلب الله ليس كهذا لكنه يعاملنا بكل حب.الهى المحب دعنى أقترب من قلبك الأبوى المحب دعنى أفوز بتلك المحبة غير المتناهية التى جعلتك تقدم أبنك وحيدك يسوع المسيح ليموت بدلاً عنى،أشكرك لأنك لا تعاملنى بحسب خطاياى لكن تعاملنى بحسب رحمتك،فأجعلنى أقترب من صليب أبنك وأقبله مخلصاً شخصياً لىّ ليمتلك عرش قلبىوحياتى من الأن وإلى الأبد أمين

الاثنين، 7 مارس 2016

يالك من قبيح الشكل!

إذا ضعفت عن أن تكون غنيا لله فإلتصق بمن يكون غنيا به لتسعد بسعادته(القديس الأنبا باخوميوس)
كثيراً ما سمعت الأميرة عن الحاخام يشوع بن قانانيا Joshua Ibn Chananiah وحكمته العظيمة، وقد حفظت الكثير من كلماته عن ظهر قلب. اشتاقت أن تراه وتجلس معه وتستمع لكلماته التي لا تُقدر بثمن. وبالفعل انطلقت بمركبتها الملوكية إلى حيث يقيم الحاخام. لاحظت الأميرة إنه يسكن في بيت بسيط لا يليق بذاك الذي نال هذه الشهرة العظيمة والتي يشتهي كثير من رجال الدولة أن يسمعوا كلماته ويهتدون بنصائحه وإرشاداته. قرعت الباب وكم كانت مفاجأتها حين رأت إنساناً في نظرها قبيح الشكل يفتح الباب. سألت عن الحاخام فعرفت أنه هو هذا الذي فتح لها الباب. صمت طويلاً، وإذ لم تتمالك نفسها وما يجول في داخلها قالت الأميرة: “إني أندهش جداً أن أجد هذه الحكمة العظيمة والعجيبة مستودعة في إنسان قبيح الوجه هكذا!”ابتسم ووجِّه للأميرة السؤال التالي: “أين تخزنين خمرك؟” أجابت الأميرة: “مثل كل البشر في أوان خزفية”.هز الحاخام رأسه وقال لها: “إني مندهش أن ابنة الإمبراطور العظيم في غناه وإمكانياته تضع خمرها في أوانٍ من التراب مثل عامة الشعب، كنت أظن إنك تخزنين خمرك في أوانٍ ذهبية أو فضية
“. فكرت الأميرة المتشامخة في هذا القول وقالت له: “إنك على صواب”. وانطلقت بمركبتها إلى القصر الإمبراطورى ودخلت جناحها الخاص وطلبت أوان فضية فخمة ووضعت فيها كل ما في مخازنها من خمور. بعد زمان فسدت الخمر، وعرف الإمبراطور بذلك فاستدعى الحاخام يسأله كيف يقدم مشورة كهذه لأبنته أفسدت كل ما لديها من خمورٍ.
روى الحاخام للإمبراطور ما جرى بينه وبين الأميرة، وكيف أراد أن يقدم لها درساً عملياً لتدرك أن الحكمة لا يقتنيها من انشغل بالجمال الخارجي والمظاهر الباطلة، بل من ينشغل بجمال أعماقه الداخلية.
أنت كنزي العجيب إلى متى تشغلني طبيعتي الخزفية، وأنت هو سّر غناي! إنت كنزي، تسحب قلبي إليك!إنت غناي، بك أغني كثيرين

باب للرحمة

صنع أحد المصممين نموذجاً لباب أسماه باب الرحمة … وهو باب من ذهب … وجاء جمهور من الفنانين يناقشون عمله … وكان من بينهم نجار محترف قال النجار لمصمم الباب :” بابك عريض جدا ولا تصنع الأبواب هكذا ” .قال الفنان :” أعلم ذلك , ولكن باب الرحمة ليس ككل الأبواب … ,إنه واسع وعريض ليتسع لكل القادمين إليه ” . ضحك النجار وقال ساخرا :” ولكنه قصير حتى أن الإنسان العادي لا يستطيع أن يدخله ” .أجاب الفنان : ” هذا الباب لا يستطيع أن يدخله إلا المتواضعون , الذين يعبرونه راكعين ساجدين بلا ترفع أو كبرياء ” .قال النجار : ” ولماذا لم تصنع له مفتاحا ككل الأبواب ” . اجاب الفنان : ” لأنه مفتوح دائما ” .تعجب النجار وقال :” و لماذا هذه المزاليج والأقفال من الداخل ” .قال الفنان :” لانه سيأتي يوم فيه يغلق باب الرحمة ,في وجه الرافضين الرحمة ”

الأحد، 6 مارس 2016

هل تعلم فن تسلق الجبال؟!

وقف شاب أمام جبال” الألب” الشهيرة مندهشاً، إذ رأى كثيرين يتسلقون الجبال وقد ربط الشباب أنفسهم بحبال ليسند أحدهم الآخر، وبلغ بعضهم إلى قممها العالية، سأل الشاب عن هذه الرياضة، فقال له صديق: أن لك يدان ورجلان، أي أربعة أطراف، فكن دائماً متأكداً أن ثلاثة من الأربعة أطراف ثابتة تماماً على الصخرة، هذا هو قانون الأمان الرئيسي الأول في تسلق الجبال، أما القانون الثاني فهو: ألا تتسلق الجبل بمفردك، بل أربط وسطك بحبل، ويربط آخرون أجسامهم به حتى إذا ما انزلقت يسندك الغير..
هذا ينطبق على تسلق الجبال الروحية، فلكي تصعد النفس إلى قمة جبل تابور، وترى هناك مسيحها المتجلي (مت1:17-9)، وتدرك أسرار الكنيسة المُمتدة في العهدين القديم والجديد، وتدخل في حوار مع موسى، وإيليا وبطرس، ويعقوب، ويوحنا، فعلى النفس أن تُثبّت أولاً: يديها وقدميها على السيد المسيح صخر الدهور، وتتحرك بحركات هادئة ثابتة بقيادة الروح القدس، وتثبت في تدريب روحي لفترة ما، ثم تتحرك صاعدة وهي مُلتصقة بالرب يسوع قائدها ومُعينها، فترتفع في أمان، ثانياً: في صعودنا روحياً لا نتحرك وحدنا بفكر فردي مُنعزل، بل نتحرك مع أخوتنا بفكر جماعي كنسي، فإن سقط أحد يقيمه الآخرون، فهب لي يارّب أن أرتفع معك إلى قمة جبل تابور، وأمسك بيميني وقدني لأرى مجدك وأنعم ببهائك..
حقاً جيد يارّب أن نكون ههنا..

الثلاثاء، 1 مارس 2016

هل تردي معطف


طالما أحبَ رشيد إسعاد الآخرين ... بل بالأحرى عاش رشيد من اجل إسعاد الآخرين.إن لم يكن الآخرون سعداء , لم يكون رشيد سعيدًا. لذا ابتدأ نهاره في كل صباح عازماً على إسعادهم ، لكن هذه ليست بالمهمة السهلة إذ أن ما يسعد أحدهم قد يغضب الآخر!عاش رشيد في مدينة يلبسُ كل سكانها معاطف ! .لم ينزع الناس معاطفهم ولو ليوم واحد . لم يسأل رشيد " لماذا؟"لكنه سأل دوما ً : "أي معطف يجب أن أرتدي؟"كانت والدة رشيد تحب اللون الأزرق... لذا لبس رشيد معطفاً أزرق لإسعادها . فكلما رأته مرتدياً الأزرق قالت بلهفة : " رائع يا رشيد! كم أحب أن ترتدي الأزرق!".لذلك ارتدى رشيد معطفه الأزرق دائماً ... وبما أنه لم يغادر منزلهما قط ، ولم يرَ أحداً سوى والدته عاش رشيد سعيداً لأنه نجح في إسعادها .. وطالما سمعها تكرر قائلة: "رائع يا رشيد."كبر رشيد وأصبح شاباً وحصل على وظيفة... وفي اليوم الأول من وظيفته الأولى نهض رشيد باكراً وارتدى افضل معاطفه الزرقاء وخرج إلى الشارع متوجها إلى عمله..لكن شاءت الظروف أن الحشود في الشارع لم تحب اللون الأزرق .. بل أحبوا اللون الأخضر ... كان الجميع في الشارع يلبسون معاطف خضراء.... وفيما كان رشيد ماراً في وسطهم نظر الجميع إلى معطفه الأزرق وقالوا: " مقرف! " ."مقرف!" يا لها من كلمة صعب على رشيد سماعها... لقد شعر رشيد بالذنب إذ جعل الآخرين يتفوهون بكلمة كهذه ... كان يحب أن يسمع كلمة "رائع"... كان يكره سماع كلمة "مقرف".حين رأى الآخرون معطف رشيد الأزرق وقالوا "مقرف", أسرع رشيد إلى أقرب محل لبيع الملابس واشترى معطفا اخضر... فلبس المعطف الأخضر فوق معطفه الأزرق وعاد إلى الشارع... "رائع" هكذا صرخ الناس كلما مر بأحدهم... وقد فرح رشيد لأنه نجح في إسعاد الآخرين.وصل رشيد إلى مركز عمله ودخل مكتب مديره مرتدياً معطفه الأخضر.... لكن "مقرف!" قال المدير.أسرع رشيد ليخلع المعطف الأخضر مظهراً معطفه الأزرق وقال: "آسف سيدي.. لا بد انك مثل والدتي.""مقرف! ... مقرف!" هكذا أجاب المدير.. ثم نهض من مقعده متجها نحو الخزانة وأخرج منها معطفا أصفراً ... ثم قال: "نحن نحب اللون الأصفر .""ليكن بحسب قولك يا حضرة المدير": قال رشيد وقد شعر بالراحة إذ أدرك أنه يستطيع إسعاد مديره... فلبس المعطف الأصفر فوق المعطف الأخضر الذي كان بدوره فوق المعطف الأزرق.. وهكذا ابتدأ رشيد عمله.عند انتهاء دوام العمل , نهض رشيد استعدادا للعودة إلى المنزل... فاستبدل المعطف الأصفر بالأخضر وخرج إلى الشارع ... وقبل دخوله إلى المنزل , ارتدى المعطف الأزرق فوق الأخضر و الأصفر.أدرك رشيد أن الحياة بثلاثة معاطف صعبة للغاية مما يجعل حركته بطيئة ويشعره بالحر الشديد.... كما أن ياقة أحد المعاطف من تحت كانت أحياناً تظهر فوق المعطف الذي يرتديه من فوق مما قد يلفت انتباه أحدهم , لكن رشيد كان نبيهاً إذ أسرع بإدخال ياقته قبل أن يسمع كلمة "مقرف".في أحد الأيام نسي رشيد أن يبدل معطفه قبل دخوله المنزل فما إن رأته والدته في معطفه الأخضر تبدلت ملامحها وبان عليها الشعور بالقرف وفتحت فمها لتقول : "مق...!"لكن رشيد أسرع و بدل معطفه باليد الأخرى .. فما إن انتهى حتى هتفت: "رائع!"مع مرور الأيام ابتدأ رشيد في اكتشاف موهبته الجديدة.. فهو يستطيع تغيير ألوان معاطفه بسهولة تامة! فمع الممارسة بات ماهراً في تبديل معطف بآخر في ظرف ثوان قليلة.. فبإمكانه أن يظهر في أي لون في أي وقت ليسعد الطرف الآخر.هذه المهارة في التبديل السريع للمعاطف ساعدته في الترقي إلى مناصب عالية... فقد أحبه الجميع لأنهم ظنوا أنه مثلهم.. وبعد فترة تم انتخابه عمدة لمدينته. كان خطابه الأول باهراً... فأولئك الذين أحبوا الأخضر ظنوا انه يلبس الأخضر... وأولئك الذين احبوا الأصفر ظنوا انه يلبس الأصفر.... أما والدته فكانت واثقة من ارتدائه الأزرق .. كان هو الوحيد الذي أدرك انه يغير ألوانه باستمرار.لم يكن الأمر سهلا لكنه يستحق كل هذه المجهودات لأنه في النهاية كان يسمع الجميع يهتفون له : "رائع!"
استمر رشيد في حياته المتعددة الألوان حتى ذلك اليوم الذي اندفع فيها إلى مكتبه بعض من ذوي المعاطف الصفراء وصرخوا : " وجدنا هذا المجرم وهو يستحق الإعدام."! قالوا هذا وهم يرمون برجل عند طاولة العمدة رشيد.... صعق رشيد مما رأى .. لم يكن الرجل يرتدي معطفا البتة.... لقد كان يرتدي قميصا قطنياً..... فقط!!!- "اتركوه عندي".. قال رشيد للرجال.. فخرج أصحاب المعاطف الصفراء.- "أين معطفك؟" سأل رشيد .- "لا ألبس معطفاً ."- " أليس لديك معطف؟"- "لا أريد أي معطف."-"لا تريد معطفا؟! لكن جميعنا نرتدي المعاطف... هذا.. هذا.. هذا ما تجري عليه الأمور هنا."- "أنا لست من هنا ."- "أي نوع من المعاطف يرتدون في بلادك؟"- "لا معاطف."- "أبداً ؟"- "أبداً على الإطلاق."نظر رشيد إلى الرجل بدهشة أضاف متسائلاً : "ماذا إن لم يرضى الناس على ذلك؟""- "لا استجدي إرضاء الناس أو موافقتهم."لم يسمع رشيد قط كلاما كهذا من قبل.... لم يدرِ ما يجب أن يقوله. لم يلتق في حياته أبداً شخصا بدون معطف. ثم تابع الرجل غير المرتدي معطفا قائلاً : "جئت لأعلن للناس انه ليس عليهم إرضاء الآخرين . جئت هنا لكي أعلن الحق."لو صدف لرشيد أن سمع كلمة الحق من قبل لكان رفضها. ثم سأل: "وما هو الحق؟"لكن قبل أن يتمكن الرجل من الرد , أخذت الجموع خارج مكتب رشيد تصرخ بشدة قائلة: "اقتله! ... اقتله!" .ثم تزاحمت الجموع عند النافذة فأسرع رشيد نحوهم لكنه لاحظ أنهم يرتدون الأخضر. فأسرع ليرتدي معطفه الأخضر وقال لهم: "لم يقترف هذا الرجل أي ذنب!"فصعق رشيد إذ صرخوا بوجهه: " إنه مقرف!"ثم اندفع أصحاب المعاطف الصفراء إلى مكتبه من جديد فبدل رشيد لونه سريعاً وتوسل إليهم قائلا: "الرجل بريء."فصرخوا بوجهه "مقرف!" لكن رشيد أسرع فغطى أذنيه بيديه.ثم حدق رشيد بالرجل حائرا: "من أنت؟"فجأة رغب رشيد في معرفة ذاك الشخص .. عندها دخلت والدته إلى مكتبه وقد سمعت عن تلك الأزمة ... لا شعوريا بدّل رشيد لونه إلى الأزرق.. فقالت والدته: "إنه ليس واحداً منا."-"لكن... لكن..."- "اقتله! ... اقتله!"عصفت الأصوات من كل صوب.... غطى رشيد أذنيه من جديد وحدق في الرجل غير المرتدي معطفاً.. لكن الرجل لاذ بالصمت... ازداد عذاب رشيد فصرخ بصوت ارتفع عن أصواتهم : " لا يمكنني أن أرضيهم وأن أطلقك أيضاً !"استمر الرجل الذي لا يرتدي معطفا غارقا في صمته." لا أستطيع أن أرضيك و أرضيهم في الوقت نفسه!"استمر الرجل صامتا.... فصرخ رشيد: "كلمني... أرجوك!!"كلمة واحدة تفوه بها الرجل وقال: "اختر "اعترف رشيد: " لا أستطيع .".. ثم رفع يديه عاليا وصرخ : "خذوه.. وأنا لست مسؤولاً عن هذا الخيار."لكن رشيد أدرك في أعماقه أنه برفضه الاختيار قد اختار بالفعل . هكذا اقتيد الرجل بعيداً وبقي رشيد بمفرده... وحيدا مع معاطفه!!!.قال الرب يسوع : "ولكنكم الآن تريدون قتلي, أنا الذي كلمكم بالحق .. أما أنا فلا تصدقوني لأني أقول الحق." (يوحنا8: 40 و45)