السبت، 31 أكتوبر 2015

آه : يا ليتني اطعت ! آه : يا ليتني اطعت


هذه صيحة احد المجانين في مستشفى اميركي للأمراض العقلية . لقد ظل يطلق هذه الصيحة ويكررها في حجرته اياماً وأسابيع وسنين طويلة , ولم يتفوَّه بسواها , بل كان ، كلما مرَّ بجانبه احد الناس وخاطبه ، لا يرد عليه الا بهذه الصرخة التي تصم الاذان : آه : يا ليتني اطعت ! آه : يا ليتني اطعت !
وقصة هذا المسكين هي انه كان موظفاً في احدى شركات القطار الحديدي , وكان عمله محصوراً في رفع الجسر عند مرور البواخر واعداد الخط لمرور القطار الحديدي . وكان هذا الموظف يتمتع بكامل صحته وقواه العقلية
وتسلم ، ذات يوم ، امراً خاصاً مشدداً بابقاء الجسر مُنزَّلاً في وقت معيّن ، وذلك لمرور قطار سياح خصوصي لم يكن موعد وصوله محدداً بالضبط ، فأخذ الاستعدادات اللازمة لتنفيذ هذا الامر ، وانزل الجسر وحضَّر الخط لمرور القطار المذكور ، وجلس ينتظر
في تلك الساعة وصلت بعض البواخر وطلب قادتها المرور كالعادة ، فرفض الموظف ان يرفع الجسر ، بناء على الامر الخاص المشدد الذي تسلمه . ووصلت سفينة اخرى ، وطلب اليه قبطانها وهو صديق حميم له ، ان يسمح له بالمرور ، قائلاً : انت ترفع الجسر وانا اعبر في بضع دقائق بعجلة ، وبعد اخذ ورد اذعن الموظف لطلب صديقه ورفع الجسر ، واخذت السفينة تتحرك .. ولكن يا لهول الرعب الذي انقض على الموظف عندما اصم اذنيه صوت صفير مزعج منطلق من قطار السياح المقبل بسرعة فائقة ، اذ لم يعد هناك أي متسع من الوقت لانزال الجسر ، فتمنى ، في لحظة الندامة وفوات الاوان ، لو انه تقيَّد بالامر الخاص المشدد ، فرفع يديه ، في ساعة قنوطه ، الى العلاء ، وصرخ من اعماق اعماقه : آه : يا ليتني اطعت ! آه : يا ليتني اطعت ! اما القطار فاندفع بمن فيه منحدراً الى النهر حيث لاقى السياح حتفهم
والموظف المسكين ، ماذا جرى له ؟ لما جاء اهل النجدة وجدوه يتمشى ذاهباً واياباً على غير هدى ويصيح : آه : يا ليتني اطعت ! آه : يا ليتني اطعت ! ولم يتفوه بغير هذه الكلمات ، فقد فَقَدَ رشده وظل مجنوناً كل حياته لا ينطق الا بهذه الجملة : آه : يا ليتني اطعت ! كان قد تلقى امراً صريحاً فعصاه ! كان من المحتمل ان لا يأتي القطار في ذلك الوقت ، ولكنه اتى وهلك جمع غفير
يا لها من مأساة ربما تقول عندما تطلع على تفاصيلها : ما احمق ذلك الموظف ! ولكنك ، اذا اطلقت لتأملاتك العنان وغصت في اعماق ضميرك ، قد تجد اننا نسلك المسلك ذاته الذي ادى الى تلك الفاجعة الرهيبة ، فنحن، ايضاً ، قد تلقينا امراً اسمى جاء من السماء يجب ان نطيعه اكثر فقد جاء في الكتاب المقدس :
"فالله يأمر جميع الناس في كل مكان بأن يتوبوا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق