الخميس، 19 نوفمبر 2015

مفترق الطريق الجزء الاول

استغرق الأمر بعض الوقت لكي اصل الى الطريق الآخر.. بعد ان سلكت فيه مسافة قصيرة، وجدت نفسي منهكا. لقد بدأت وعورة هذا الطريق بلا شك تؤثر عليّ سلبا، على المستويين الجسدي والمعنوي معا. لذا فقد قررت أن أخذ قسطا من الراحة، فقد انتشرت ارائك على جانبي الطريق، وبدت المنطقة المفتوحة على جانبي الطريق خلابة للغاية. لقد كان ثمة جمع لا يحصى من الناس تمر بهذا الطريق. لا يمكن أن اصف لكم كم كان هؤلاء المارة يبدون اقوياء! .. بينما اتطلع حولي على سبيل الراحة والتسلية لقرابة الساعة بدأت اشعر تدريجيا بفتورالهمة والتراجع عن متابعة السير في طريقي. بدا المارة يجيئون ويذهبون في قمة النشاط وكنت انا الوحيد الذي يشعر بهذا القنوط. لم يستغرق الامر لحظات اخرى عندما شعرت بيد تربت على كتفي. نظرت إلى الخلف لأرى من يفعل ذلك. استغرق الامر لحظات – بدت طويلة طول الدهر- لامتص الصدمة لأنني ما كنت اتصور أبدا أن اراه مرة أخرى في حياتي.

– “ماذا تفعل هنا؟” هذه الجملة الوحيدة التي خرجت من فمي حينما هممت بالكلام.

اجابني بابتسامة هامسة:

– “هذا ليس الرد الذي كنت أتوقعه. لقد أعتقدت أنك سوف تكون سعيدا لرؤيتي.

– ” استجمعت نفسي مرة أخرى وبدأ اتحدث اليه قائلا:

– “لا، لا تفهمني خطأ ارجوك، أنا سعيد جدا لرؤيتك. الحقيقة أنني لم أعتقد أنني سوف اراك مرة أخرى”. ثم استطردت سائلا:

– “ما الذي جعلك تقرر ترك المكان الذي قضيت سنوات طويلة فيه؟ ”

لم يتردد في توجيه أصابع الاتهام مباشرة الي وجهي وهو ينطق بلهجة حازمة:

– “كما قلت لك من قبل، أنني أرى الكثير من نفسي فيك. عندما التقينا، كنت قادرا على تذكر ما كان عليه حالي حين كنت شابا. عندما كنت في مثل سنك كنت حالما الى اقصى حد. لذا فقد عدت لهذا الطريق بحثا عنك. ولم يستغرق الامر كثيرا حين تحققت بنفسي مدى صعوبة هذا الطريق الذي سلكتيه، وكم التعب الذي تكبدتيه. أريد أن أخبرك أنه لا بأس أن تأخذي قسطا من الراحة، فالراحة ضرورية عندما يشعر الانسان أن قواه قد استنفدت. ولا يحبطك ان تجدي من في محيطك يستسلمون ويتراجعون الواحد تلو الاخر عن متابعة السير في طريقك. لا اريدك ان تتخلى ابدا عن طريقك حتى حين تشعرين أنك لا تتقدمين الى الامام. ان الامر لا يعدو الا ان يكون سباقا. الشيء الوحيد الذي يهم هو أن ننتهي من السباق. وأنا هنا لانهاء مضمار السباق. هل سنرى ما نحن قادرين على القيام به؟ واستطرد بلهجة بها خليط من الاسى والرجاء:

“لقد شدت كلماتك من عزيمتي، وانهضت روحي الخائرة”. ثم وبلهجة متأسية تابع كلامه بلهجة متسائلة:

– “ولكني قضيت أكثر من نصف حياتي لا اثق في نفسي وقدراتي، لذلك جلست هناك مستغرقا في صراع داخلي مرير كل هذه السنوات. فهل ستتابعين سيرك معي؟”

– “أنا خائفة! ماذا لو أننا لم نستطع القيام بذلك؟ بالاضافة الى ذلك، أشعر بالقلق أنه سيكون عبء أكثر من اللازم متابعة السير مع شخص في مثل سنك. فهل ستكون بخير؟ هل انت بقادر على متابعة السير؟”

ظهرت ابتسامة رقيقة على وجهه واجاب ببساطة:

– ” أنا لست مسنا أبدا عن تحقيق أحلامي. ”

نهضنا وسرنا في الطريق معا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق